كل ما تريد معرفته عن أزمة الرهن العقاري الأمريكي

الرهن-العقاري-الأمريكي

كشفت التقارير الدولية في أكتوبرعام 2008 أن الاستثمارات العقارية والمرتبطة بأصول عقارية بالولايات المتحدة الأمريكية بدأت تشعر بالمشكلة من جراء ما نشأ نتيجة تخلف سداد القروض العقارية الممنوحة بضمانات غير كافية، كما أن الكثير من قروض الإسكان قد تم منحها للمقترضين من أصحاب تاريخ الاعتماد أو سجل الائتمان المعدوم والشبه معدوم، وبالتالي فهم ليسوا مؤهلين ليحصلوا على أسعار الفائدة الأقل السائدة بسوق قروض العقارات المضمونة برهونات من الدرجة الأولى.

وأظهر تقرير آخر نشر في شهر سبتمبر 2008 أن الإقراض بسوق التمويل الثانوية أصبح شائع، حيث أن أسعار الفائدة المتدنية في هذه السوق وصعود أسعار المنازل قد جعلا من هذا النشاط الأكثر إغراءاً وربحية، فقد أدى نمو نسب التخلف عن السداد وإغلاق الرهونات إلى سداد ضريبة لصناعة الإقراض بالسوق الثانوية، ودفع قيم بعض من الأوراق المالية المدعومة بأصول، المعروفة بالتزامات الدين المضمونة، للهبوط ومن ضمنها القروض السكنية بالسوق الثانوية، وبناءاص على ذلك، عرضت بما يزيد عن 50 شركة رهن بالولايات المتحدة الأمريكية نفسها للبيع، أو أغلقت أبوابها، أو أشهرت إفلاسها منذ بداية عام 2006.

وأكد مدير الاتصالات الخارجية في سوق دبي المالي العالمي مارك فيشر في هذا التوقيت أنه يرى قطاع الإسكان الأمريكي كالنمر، إذا تحرك داخل الاقتصاد العالمي سيحدث ربكة فيه، وإذا هدأ استمتعت التجارة العالمية بالاستقرار، وأن أي تدهور في العقارات الأمريكية سوف يشكل عامل ضغط كبير على العملة الأمريكية، وهذا يعني أن أثره سوف يطول جنوب العالم وشماله.

كذلك قال فيشر أن البيانات السيئة التي تشير إلى أن قطاع الإسكان بالولايات المتحدة يتجه نحو الأسوأ، وأن أسواق الأسهم الأمريكية اهتزت بفعل هبوط أسعار أسهم المؤسسات المالية وشركات التجزئة التي واجهت بالفعل ارتفاع  في حالات التخلف عن سداد قروض العقارات.

كيف بدأت الأزمة و تطورت

قلص بنك الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” اعتباراً من منتصف عام 2000 إلى 2003 أسعار الفائدة الموجهة من 6.5 % إلى 1 % ، بغرض تفادي الركود الاقتصادي الناجم عن هبوط مؤشر البورصة بفعل انهيار أسعار أسهم شركات التقنية عالية التكنولوجيا.

 وتراجُع معدلات الفائدة بنسب عالية في سنة 2003 وهو ما يعني بحسابات البنوك ” صفر “، قد شجع الأفراد على الاقتراض الذي دفعهم للانفاق وامتدت عملية الشراء إلى قطاع المنازل ، وانفتح المجال لمحدودي الدخل . وتم توجيه ما يزيد عن 1000 مليار دولار من البنوك لسوق القروض العقارية مرتفعة المخاطر ” ساب برايم ” وهو السوق الذي فيه يتم تمويل المقترضين الأكثر فقراً والأقل وفاء للولايات المتحدة الأمريكية.

 وقامت البنوك المقرضة بتجميع القروض في مجموعات بهدف لتقليل مخاطرها، وهذه المجموعات تتضمن القروض الأكثر خطورة والقروض الأكثر ضماناً لتجعلتها كحزمة واحدة وقدمتها لمؤسسات تقيم المخاطر وصنفتها AAA أي أنها قروض ممتازة، ثم باعت البنوك تلك القروض كسندات للمستثمرين وبذلك تخلصت البنوك من المخاطر وحملتها للمستثمرين.

 وفي هذا التوقيت رهن المستثمرون السندات المدعومة بعقارات للبنوك الاستثمارية بأمريكا باعتبارها أصول للحصول على تمويل جديد بضمانها تصل لـ30 ضعف من قيمتها للاستثمار في شراء المزيد من السندات، وباعت البنوك الاستثمارية الأمريكية السندات لمستثمرين عبر العالم، فتورطت بنوك استثمارية عالمية وصناديق سيادية كالتأمينات والمعاشات وصناديق تحوّط.

وأمّن بعض المستثمرين الدوليين على السندات ضد مخاطر عدم السداد فتورطت شركات التأمين، وفي بداية 2004 رفع  البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على العملة الأمريكية بغرض استقرار قيمته مقابل العملات الأخري، مما تسبب في زيادة أعباء مديني الرهن العقاري، حيث أن العقود تنص على ارتفاع الفائدة عند تغيرها من قبل البنك الفيدرالي, فبدأ البعض يشعر بالعجز حيال سداد الأقساط المستحقة عليه.

تداعيات أزمة الرهن العقاري الأمريكي

قامت البنوك الممولة بالضغط على المقترضين فتوجهوا لبيع وحداتهم السكنية فبالتالي زاد المعروض من تلك الوحدات وحدث تراجع في قيمة الوحدة السكنية فدخلت فئات أخرى في إطار العاجزين عن السداد ، مما أثر على مشروعات الجديدة في الاستثمار العقاري والتي كانت أسست اقتصادياتها على وجود طلب على المنازل السكنية فزادت حدة الأزمة وبدأت البنوك في الحجز على المنازل واستردادها .

 وتضاعفت في نهاية 2007 أعداد حالات الحجز على الوحدات واستردادها من قبل البنوك وبدأ الشعور بالأزمة بالفعل حيث كان مطلوب في تلك الوقت استرداد 2.2 مليون وحدة، وهذا يعني تشريد راهنيها، وقد رفض الكثير منهم تسليمها وهناك من قام بتحطيم محتوياتها عند سحبها منهم كنوع من الانتقام والبعض أقدم على الانتحار .

وتأثرت أسهم وسندات شركات التمويل العقاري مع الشعور بالأزمة نتيجة حالة الركود بالسوق العقارية وكذلك البنوك التي تساهم في التمويل وشركات الاستثمار العقاري التي تبني الوحدات السكنية الجديدة وشركات التأمين التي تقدم التغطية التأمينية ، وأدى ذلك إلى إشهار إفلاس بنك الأعمال ” ليمان براذرز ” ، وقامت الحكومة البريطانية بتأميم بنك ” نورذرن روك ” لمنع انهياره ، كما قامت الحكومة الأمريكية بتأميم أكبر مجموعة تأمين بالعالم ” آيه آي جي ” التي كانت مهددة بالإفلاس نظير منحها 85 مليار دولار أمريكي، كما وضعت الحكومة الأمريكية الوصاية على عمالقة مجال الرهن العقاري فريدي ماك ، وفاني ماي لإعادة هيكلة ماليتهما مع كفالة ديونهما وحتى 200 مليار دولار أمريكي ، وقالت أيسلندا أنها قد تشهرإفلاسها واستخدمت بريطانيا ضدها قوانين مكافحة الإرهاب وقامت بتجميد أرصدتها لديها .

 وزاد تدهورالبورصات العالمية ، وأصبح من الضرورة تدخل الحكومات في الاقتصاد ووضع خطط لتنقذ العالم من كارثة مالية أكيدة، فتعهدت الحكومة الأمريكية بتقديم 700 مليار دولار أمريكي للبنوك لتخليصها من أصولها الغير قابلة للبيع، ووضع البرلمان الألماني خطة للإنقاذ المالي بقيمة 500 مليار يورو ، والبرلمان الفرنسي أقر خطة بقيمة 360 مليار يورو لدعم المصارف ، والنمسا ضخت 100 مليار يورو ، وسنغافورة تشمل كافة الودائع بالبنوك والمؤسسات والبالغ قدرها نحو 102 مليار دولار، والمركزي الهندي قام بضخ 8 مليارات دولار للتصدي للأزمة ، ومصرف اليابان المركزي أعلن عن ضخه ما يزيد عن 20 مليار دولار من السيولة بالأسواق ، وكوريا الجنوبية ضخت 130 مليار دولار.

أشترك في النشرة البريدية

نقدمها لكم يوميًا من الأحد إلي الخميس في تمام الساعة التاسعة صباحاً.