“حارة عطيتو”.. شهدت عزاء عريس الجنة محمد صلاح

الشهيد محمد صلاح

راضية كل الرضا.. ماذا قالت والدة الشهيد محمد صلاح؟

حالة من الحزن الشديد والدموع المدفونة سيطرت على قلوب العالم العربي، لم أتردد لحظةً في الذهاب إلى عزاء الجندي الشهيد محمد صلاح إبراهيم، منفذ اشتباك الحدود مع الجنود الإسرائيليين الذي أصبح حديث العالم العربي أجمع في الأيام القليلة الماضية.

حيث وصفه رواد شبكة التواصل الإجتماعى بأنه بطل وفخر العرب الحقيقي، وقام بعضهم بتغيير صفحاتهم الشخصية بصورة الشهيد كتعظيم لما فعله على الحدود مع الكيان الصهيوني.

استغربت مثل الكثير حينما نشر أحد أقارب الشهيد بأنه تم دفن جثمان المجند محمد صلاح إبراهيم، ظهر أمس في بلدة العمار الكبرى بالقليوبية، وذلك كان في سرية بالغة الحدود.

وتوقعت أن يتم تعويض ذلك بإقامة عزاء يليق بشهيد مصري بذل روحه فداء لما كان مكلفا به من حماية حدود مصر، لكن ما رأيته خالف جميع التوقعات.

 

الشهيد محمد صلاح
الشهيد محمد صلاح

 

حين وصلت عين شمس سألت عن “حارة عطيتو” المتفرعة من شارع الشهيد أحمد عصمت.

من هنا بدأت القصة، لم استدل على الحارة في بداية الأمر وبعد البحث والسؤال كثيرا، وصلت إلى الحارة التي يقع على ناصيتها الجهةالمقابلة سوبر ماركت صغير جداً جالساً أمامه على كراسي بلاستيك أكثر من عشرة أشخاص، ملامحهم ونظراتهم العجيبة وهيئتهم تدل على عدم انتمائهم لتلك الحارة، ولا أنهم من أقارب الشهيد لأنهم لو كانوا من أقاربه فلماذا لا يأخذون العزاء مع أهله!

ولأنني كنت أرتدي ملابس سوداء وأسأل عن منزل الشهيد، فوجئت بمجموعة صغيرة من الشباب تتراوح أعمارهم بين ٢٠ إلى ٢٥ عاما يرتدون تيشرتات وبناطيل جينز وعددهم حوالي خمسة. وقالوا لي “حضرتك عاوزه تعزي ” قلت لهم: نعم، وبالفعل إصطحبوني إلى منزل الشهيد الموجود في أول “حارة عطيتو”.

الشهيد محمد صلاح
الشهيد

“حارة عطيتو” هى عبارة عن حارة ضيقة جداً، لا يعقل أن يتم إقامة عزاء فيها، في وقت عصر اليوم لم تكن توجد من الأساس آثار تدل على إقامة عزاء، ولم يتم تشغيل قرآن طوال فترة تواجدي التي استمرت حوالي نصف ساعة، ولا يوجد أمام منزل العائلة سوى أقل من عشرة كراسي يجلس عليها بعض الشباب.

في مدخل المنزل الذي كان ضيقا أيضً، تفاجأت بشاب في العشرينات ورجل في أواخر الأربعينات، وقالوا لي بالحرف”ممكن نتعرف على حضرتك” عرفتهم  بنفسي، فقالوا لي: حضرتك نورتينا وهندخل حضرتك عزاء الحريم لوالدته، لكن لن نتحدث عن أي شيء وكل المعلومات تمت كتابتها عبر صفحاتنا على الفيس بوك، ولن نتحدث عن أي شيء نهائيا، ونطلب من حضرتك عدم تصوير والدته أو تصوير العزاء حتى لا تحدث لنا أي مشاكل.

 

الشهيد محمد صلاح
الشهيد محمد صلاح

 

وبالفعل دخلت المنزل في الدور الأرضي، قابلت والدة الشهيد التي كانت تبدو تائهة بعض الشيء وكأنها لا تدرك ما يحدث حولها، تواجدت في صالة الشقة المكونة من غرفة وصالة، ولأنني كنت جالسة في الصالة فلا أعلم حجم الغرفة، ومعي مجموعة من السيدات وبعض الفتيات الصغيرات اللاتي داخل الغرفة، ولم أرى غيرهن أثناء خروجهن ودخولهن إلى المطبخ.

ومن الواضح أن كل هؤلاء من أهل المنزل، فلا يوجد أحد من خارج المنزل لأن الشاب الذي اصطحبني لداخل الشقة، قال للسيدات التي كانت تجلس في الصالة يا “عمتي” بعد ذلك نادى الشاب نفسه والدة الشهيد وقال لها يا “أمي” أريدك ثانية، شعرت حينها أنه كان يوصيها بعدم التحدث معي نهائيا.

والدة الشهيد سيدة شابة، يتضح من ملامحها أنها لم تتجاوز  الأربعين من عمرها، تجلس في حالة ذهول على كرسي لأخذ عزاء نجلها، وكأنها لا تصدق ما يحدث حولها، كل ما كانت تفعله هو النظر إلى صورة ابنها الشهيد على شاشة تليفونها وتدمع عيناها، ثم تنظر إلى الحاضرات اللاتي لم يتخط عددهن عشر سيدات، وتنظر لي في هدوء تام وكأنها لا تصدق أي شيء.

حينما قررت الإنصراف لئلا يكون وجودي مثار قلق لأسرة الشهيد احتضنت والدته، وقلت لها: اعلمي جيداً أن نجلك شهيد ونيابة عن الجميع تقبلي عزائي، قالت أنها راضية كل الرضا عن نجلها وأنها كانت تحبه كثيراً لأنه كان باراً بها، وحينما سألتها عن نجلها الآخر وعمه (بعدما ترددت شائعات القبض عليهم) قالت لي: إنهم الحمد لله بجانبها يأخذون عزاء الشهيد، واعتذرت لي عن عدم التسجيل أو التحدث عن أي شيء يخص نجلها الشهيد.

أشترك في النشرة البريدية

نقدمها لكم يوميًا من الأحد إلي الخميس في تمام الساعة التاسعة صباحاً.