البورصة، ذلك السوق الصاخب الذي يتداول فيه ملايين الأسهم يوميًا، قد تبدو للبعض مكانًا معقدًا ومخصصًا للمستثمرين المحترفين. ولكن حقيقة الأمر أن البورصة تمثل شريانًا حيويًا للاقتصاد، يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على حياتنا اليومية. في هذا المقال، سنقوم برحلة مبسطة لفهم كيف تؤثر البورصة على الاقتصاد، وما هي العوامل التي تحرك أسعار الأسهم، وكيف يمكن للمستثمر الصغير أن يستفيد من هذه المعرفة.
ما هي البورصة؟
البورصة هي سوق منظمة لتداول الأوراق المالية، مثل الأسهم والسندات. يمكن تشبيهها بسوق الخضار، ولكن بدلاً من بيع الخضروات والفواكه، يتم تداول أسهم الشركات. عندما تشتري سهمًا في شركة ما، فأنت تشتري جزءًا صغيرًا من تلك الشركة، وتصبح مالكًا مشاركًا فيها.
كيف تؤثر البورصة في الاقتصاد؟
مؤشر على صحة الاقتصاد: يمكن اعتبار البورصة “ميزان حرارة” للاقتصاد. عندما تكون الشركات تحقق أرباحًا كبيرة، ترتفع أسعار أسهمها في البورصة، وهذا يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل تلك الشركات والاقتصاد ككل. والعكس صحيح، عندما يواجه الاقتصاد صعوبات، تنخفض أسعار الأسهم، مما يعكس تراجع الثقة.
محرك للاستثمار: البورصة تشجع الناس والشركات على الاستثمار. عندما يستثمر الناس أموالهم في الشركات، فإن هذه الشركات تستخدم هذه الأموال للتوسع، وتطوير منتجات جديدة، وتوظيف المزيد من الأشخاص، وكل هذا يساهم في نمو الاقتصاد.
توفير السيولة للشركات: تحتاج الشركات إلى الأموال للنمو والتوسع. البورصة توفر منصة للشركات لجمع الأموال من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام. هذا الأمر يساعد الشركات على تنفيذ مشاريعها، مما يخلق فرص عمل جديدة ويدعم النمو الاقتصادي.
توزيع الثروة: البورصة تلعب دورًا مهمًا في توزيع الثروة. عندما ترتفع أسعار الأسهم، يزداد ثراء المستثمرين، وهذا يساعد على تحسين المستوى المعيشي بشكل عام.
تأثير على القرارات الاقتصادية: تتأثر قرارات الحكومات والشركات والمستهلكين بتحركات البورصة. على سبيل المثال، قد تتردد الحكومة في رفع أسعار الفائدة إذا كانت البورصة تشهد تراجعًا حادًا، خوفًا من تأثيرات ذلك على الاقتصاد.
ما هي العوامل التي تؤثر على أسعار الأسهم؟
الأداء المالي للشركة: الأرباح والخسائر التي تحققها الشركة، ونموها المستقبلي المتوقع، هما العامل الرئيسي الذي يؤثر على سعر سهمها.
الأوضاع الاقتصادية العامة: تؤثر العوامل الاقتصادية الكلية، مثل أسعار الفائدة، والتضخم، والنمو الاقتصادي، على أداء البورصة بشكل عام.
الأحداث الجيوسياسية: الأحداث العالمية، مثل الحروب والأزمات السياسية، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسواق الأسهم.
العرض والطلب: كمية الأسهم المعروضة للبيع وكمية الطلب عليها تلعب دورًا حاسمًا في تحديد سعر السهم.
العواطف والمزاج العام للمستثمرين: قد تؤثر العواطف والمواقف النفسية للمستثمرين على اتخاذ قرارات الشراء والبيع، مما يؤدي إلى تقلبات في الأسعار.
كيف يمكن للمستثمر الصغير الاستفادة من البورصة؟
الاستثمار على المدى الطويل: الاستثمار في البورصة هو عملية طويلة الأمد، وتحقق العوائد الأعلى عادةً من خلال الاستثمار المستمر على مدى سنوات عديدة.
التنوع في الاستثمار: لا ينصح بوضع كل البيض في سلة واحدة. من الأفضل توزيع الاستثمارات على مجموعة متنوعة من الأصول، مثل الأسهم والسندات والصناديق المتداولة.
التعليم المستمر: البورصة سوق متقلب، ومن المهم للمستثمر أن يبقى على اطلاع دائم بالتطورات الاقتصادية والتحليلات المالية.
استشارة الخبراء: يمكن للمستثمر الصغير الاستعانة بمشورة الخبراء الماليين، خاصة إذا كان مبتدئًا في مجال الاستثمار.
خاتمة
البورصة هي أكثر من مجرد سوق لتداول الأسهم، فهي قلب النشاط الاقتصادي، ومؤشر على صحة الاقتصاد، ومحرك للاستثمار. فهم كيفية عمل البورصة والعوامل التي تؤثر على أسعار الأسهم يمكن أن يساعد الأفراد والشركات على اتخاذ قرارات استثمارية أفضل وتحقيق أهدافهم المالية.
بقلم / إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة “مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية”